responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 314
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) لَمَّا ذَكَرَ الْمُوفِينَ بِعَهْدِهِ، وَالْمُوَاصِلِينَ لِأَمْرِهِ، وَذَكَرَ مَا لَهُمْ ذَكَرَ عَكْسَهُمْ. نَقْضُ الْمِيثَاقِ: تَرْكُ أَمْرِهِ. وَقِيلَ: إِهْمَالُ عُقُولِهِمْ، فَلَا يَتَدَبَّرُونَ بِهَا لِيَعْرِفُوا اللَّهَ تَعَالَى. (وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) أَيْ مِنَ الْأَرْحَامِ. وَالْإِيمَانِ بِجَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ. (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) أَيْ بِالْكُفْرِ وَارْتِكَابِ الْمَعَاصِي (أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ) أَيِ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ مِنَ الرَّحْمَةِ. (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) أَيْ سُوءُ الْمُنْقَلَبِ، وَهُوَ جَهَنَّمُ. وَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: وَاللَّهِ الَّذِي لَا إله إلا هو! إنهم الحرورية. قَوْلِهِ تَعَالَى: (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) لَمَّا ذَكَرَ عَاقِبَةَ الْمُؤْمِنِ وَعَاقِبَةَ الْمُشْرِكِ بَيَّنَ أَنَّهُ تَعَالَى الَّذِي يَبْسُطُ الرِّزْقَ وَيَقْدِرُ فِي الدُّنْيَا، لِأَنَّهَا دَارُ امْتِحَانٍ، فَبَسْطُ الرِّزْقِ عَلَى الْكَافِرِ لَا يَدُلُّ عَلَى كَرَامَتِهِ، وَالتَّقْتِيرُ عَلَى بَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَدُلُّ عَلَى إِهَانَتِهِمْ." وَيَقْدِرُ" أَيْ يُضَيِّقُ، وَمِنْهُ" وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ" [1] [الطلاق: 7] أَيْ ضُيِّقَ. وَقِيلَ:" يَقْدِرُ" يُعْطِي بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ. (وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا) يَعْنِي مُشْرِكِي مَكَّةَ، فَرِحُوا بِالدُّنْيَا وَلَمْ يَعْرِفُوا غَيْرَهَا، وَجَهِلُوا مَا عِنْدَ اللَّهِ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى" وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ". وَفِي الْآيَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، التَّقْدِيرُ: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا. (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ) أَيْ فِي جَنْبِهَا. (إِلَّا مَتاعٌ) أَيْ مَتَاعٌ من الأمتعة، كالقصعة والسكرجة [2]. وقال مجاهد: شي قَلِيلٌ ذَاهِبٌ، مِنْ مُتَعِ النَّهَارِ إِذَا ارْتَفَعَ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ زَوَالٍ. ابْنُ عَبَّاسٍ: زَادٌ كَزَادِ الرَّاعِي. وَقِيلَ: مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا يُسْتَمْتَعُ بِهَا مِنْهَا. وَقِيلَ: مَا يُتَزَوَّدُ مِنْهَا إِلَى الْآخِرَةِ، مِنَ التَّقْوَى وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ،" وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ" ثم ابتدأ." اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ" أَيْ يوسع ويضيق.

[سورة الرعد (13): الآيات 27 الى 28]
وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ (27) الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)

[1] راجع ج 18 ص 170.
[2] السكرجة: إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأدم، وهى فارسية.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 9  صفحة : 314
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست